السؤال: إخواني الأعزاء أنا شاب من فلسطين عمري 29 سنة أعمل في مؤسسة فلسطينية.
وهذه المؤسسة في حالة اقتصادية سيئة جدا جدا جدا وقد قام مجلس إدارة الشركة بتغيير الإدارة القديمة وباشرت الإدارة الجديدة طرد الموظفين القدامى بحجة إعادة الهيكلة.
وجميع الموظفين الذين تم طردهم واجهوا العديد من المشاكل في تحصيل مستحقاتهم من الشركة فتم تأجيلهم أكثر من مرة وبحجج واهية مثل لا توجد سيولة لصرف الأتعاب وحجج من هذا القبيل.
وإلى هذه اللحظة لم يستلموا أتعابهم، وعلى ما أعتقد استلموا دفعة واحدة إلى حد الآن فالشركة عندما تريد تسديد الأتعاب لمستحقيها فإنها تقوم بتقسيطها على عدة أقساط مهما كان المبلغ صغيرا.
وأنا لا أزال على رأس عملي في هذه الشركة والحمد لله ولكني أشعر بأن الوقت اقترب حتى يقوموا بإنهاء خدماتي من الشركة فاتصلت بشيخ من فلسطين شيخ علامة مثقف له العديد من الأبحاث والدراسات المنشورة وكلامه ثقة وسألته إن كنت أستطيع أن آخذ قرضا من البنك بدون كفيل يغطي الجزء الأكبر من أتعابي.
وفي حال قررت الشركة إنهاء خدماتي فإنها ستضطر لتسديد المبلغ للبنك لأنني سأكون قد استلمته مسبقا والهدف من الموضوع هو أنني إذا استلمت المبلغ كاملا فإنني أستطيع عمل مشروع شخصي لأكمل حياتي، لأنه بدون هذا المبلغ ـ أتعابي ـ لن أستطيع فتح المشروع ولو قاموا بتقسيطه على عدة أشهر فسأقوم بصرفه كأي معاش عادي وسيذهب هباء.
فصرح لي الشيخ العلامة بأن آخذ القرض وقال إنني أستطيع ذلك ولكن قيمة الفائدة تخصم مني أنا لا أضيفها على مبلغ القرض، ولكن بسبب حساسية الموضوع وخوفي الشديد من موضوع الربا أحببت أن أخذ فتوى أخرى من جهة ثانية، الرجاء الرد ومساعدتي، هل أستطيع أخذ القرض؟ وجزاكم الله ألف خير، وشكرا.
الإجابــة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الجهة التي تريد الاقتراض منها ستعطيك قرضا ربويا فلا يجوز لك أخذه ولا الدخول فيه، وما ذكرته لا ضرورة فيه لكن لو وجدت بنكا إسلاميا يجري معك معاملة مشروعة كمرابحة حيث يشتري لك سلعة كسيارة مثلا ثم يبيعك إياها بثمن أعلى من قيمتها فيربح وتحقق أنت غايتك فتبيع السيارة أوالسلعة بعد دخولها في ملكك وضمانك في السوق وتنتفع بثمنها.
فيما تريد أوتنتفع بالسيارة أوالسلعة ذاتها دون بيعها فهذا لا حرج فيه، ولو فصلتك الشركة من عملك فإنها تسدد لجهة التمويل هذا الدين بحسب حقوقك التي عليها كما يظهر من سؤالك، وأما الربا فإنه لا يجوز لك، فلا يباح إلا للضرورة.
وحد الضرورة هو ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة، أو أن تلحقه بسببه مشقة لا تحتمل، أولا يتمكن المرء معها من تحقيق الحد الأدنى من حياة الفقراء، وبهذا يعلم أن الدخول في المعاملات الربوية في أنواع التجارات والاستثمار وتحصيل الكماليات والتحسينيات.
وما جرى مجرى ذلك كله ليس من الضرورة في شيء، وإن زين الشيطان لأصحابه وخيل إلى بعضهم أنهم في ضرورة، والحال أن أيا منهم لم تبلغ به الحال حد الاضطرار الذي أسلفناه ولم يقاربه، فالله المستعان، قال الشيخ المودودي: لا تدخل كل ضرورة في باب الاضطرار بالنسبة للاستقراض بالربا، فإن التبذير في مجالس الزواج ومحافل الأفراح والعزاء ليس بضرورة حقيقية، وكذلك شراء السيارة أو بناء المنزل ليس بضرورة حقيقية.
وكذلك ليس استجماع الكماليات أو تهيئة المال لترقية التجارة بأمر ضرورة، فهذه وأمثالها من الأمور التي قد يعبر عنها بالضرورة والاضطرار ويستقرض لها المرابون آلافًا من الليرات لا وزن لها ولا قيمة في نظر الشريعة، والذين يعطون الربا لمثل هذه الأغراض آثمون. انتهى.
والله أعلم.
المصدر: موقع إسلام ويب